اللواء الدكتور أحمد رفاعي يكتب: «إعادة إحياء القيم.. أساس البقاء ونهضة الأمة»
لواء د. أحمد رفاعي - نائب رئيس حزب شعب مصر لشئون التخطيط الاستراتيجي

القيم ليست مجرد كلمات أو شعارات، بل هي الأعمدة الأساسية التي تقوم عليها الأوطان. عندما تتزعزع هذه القيم، ينهار البناء مهما بدا قوياً من الخارج.
في ظل التحديات الحالية من تحولات اقتصادية، وثورة رقمية، وضغوط اجتماعية، لم يعد ترسيخ القيم الأصيلة مجرد خيار، بل أصبح واجباً وطنياً لا يقل أهمية عن تقوية الجيش أو تطوير الاقتصاد. فالقيم هي البوصلة التي توجه الفرد والمجتمع، وبدونها يتحول الذكاء إلى احتيال، والحرية إلى فوضى، والتنافس إلى صراع. أما بوجودها، فيصبح الفرد قوة منتجة، والمجتمع نسيجاً متماسكاً، والدولة كياناً راسخاً.
قيم العمل
تُعتبر قيمة العمل أساساً لا يمكن الاستغناء عنه. نلاحظ اليوم انتشاراً لثقافة التأخر عن المواعيد والتراخي في أداء الواجبات، وكأن الوقت لا قيمة له. بينما في المقابل، تُعدّ اليابان تأخر قطار لدقيقة واحدة أزمة وطنية، وهو ما يوضح أن الفارق بيننا ليس في الإمكانيات المادية، بل في منظومة القيم التي تحكم السلوك.
قيم المسؤولية
تبدأ المسؤولية من أبسط الأفعال، كعدم إلقاء القمامة في الشارع، وتتوسع لتصبح شعوراً عميقاً بأن كل فرد مسؤول عن وطنه، وليس مجرد متفرج.
قيم الـنــزاهــة
الفساد، وإن كان صغيراً في البداية كـ “الرشوة البسيطة” أو “الواسطة”، يتحول مع الوقت إلى سرطان ينهش جسد الدولة. في دول مثل الدنمارك وفنلندا، قد تُسقط مجرد شبهة فساد حكومة بأكملها، لأن النزاهة هناك قيمة لا تُساوم.
كيف نعيد ترسيخ القيم؟
إعادة إحياء القيم لا تتم بالشعارات، بل بالقدوة والفعل.
- القدوة أولاً: يتعلم الشباب القيم من أفعال القادة والأساتذة النزيهين. عندما يرى الشاب قائده منضبطاً، يتشرب هذه القيمة تلقائياً.
- الإعلام والتعليم: يجب على وسائل الإعلام والمؤسسات التعليمية أن تقدم العالم والمبتكر والعامل المخلص كنماذج يُحتذى بها، بدلاً من تمجيد النماذج الزائفة.
- التجربة العملية: يمكن ترسيخ القيم من خلال الممارسة، مثل مشاركة الطلاب في حملات النظافة، أو محاسبة الموظف المقصر، فهذه أدوات عملية تترجم القيم إلى سلوك ملموس.
أمثلة ملهمة
- حرب أكتوبر 1973: عندما اجتمعت قيم الانضباط، والتضحية، والإيمان بالهدف، تحقق النصر لمصر والمنطقة.
- مبادرات شبابية: مبادرات مثل “صحة بلا ثمن” و “علم بلا حدود” تؤكد أن روح العطاء لا تزال حية.
- مطورون مصريون: يثبتون أن الاجتهاد قادر على المنافسة عالمياً.
الخلاصة
إعادة ترسيخ القيم ليست ترفاً فكرياً، بل هي مسألة بقاء ونهضة. فالقيمة هي الأساس الذي يبنى عليه كل شيء:
- اقتصاد قوي يحتاج إلى قيمة العمل.
- مؤسسات محترمة تحتاج إلى قيمة النزاهة.
- جيل يبني المستقبل يحتاج إلى قيمة المسؤولية.